السبت، مارس 15، 2014

باسم المصري:بحث في نسبة الكحول في الدم والشراب علمياً(منقول من منتدى أهل الحديث)

أولا الحديث هنا بين أمرين: الأول كيميائي وحيوي حول نسبة الكحول في الدم وما يسكر شربه وإلى ذلك، والآخر فقهي وشرعي حول الحكم. لا أجرؤ الحديث في الشرعي فلست من ذوي العلم بل أنا طالب مبتدئ، فلكم الساحة يا أخوة ولكم الشكر والأجر من الله على الاجتهاد وتحري الورع. ولكن في الكيمياء والعلوم الدنيوية لي باع فأرجو أخذ الكلام في الاعتبار لتقيموا الرأي على بينة أكثر وأتمنى أن أفيد لا غير.

أما نسبة الكحول في المشروبات فبالنسب، وتسمى نسب الحجم درجات جي لوساك، وكأمثلة فإن البيرة تتراوح بين %3.5 مثل البيرة التي يسمونها خفيفة (لايت) وحتى 6% مثل جينيس التي يهواها الأيرلنديون، وهناك نوع يصل إلى 12%. أما النبيذ فما بين 9 و18%، وأما الروحيات الثقيلة مثل الويسكي والتكيلا فمنها ما يصل إلى 60%، ولا يبقى إلا الروم والكحول المنكه ويتراوح بين 80% وحتى أكثر من 95%. وبعض ولايات أمريكا تعتمد على نسب الوزن وبسبب أن الكحول أخف من الماء، فإن مؤشر نسبة الوزن ينخفض عن نسب الحجم بحوالي الخمس، وهذا للعلم وليس مهما هنا.

المهم هو أن إحدى المعلومات الكيميائية التي ذكرت في الموضوع وسمعتها في نص الفتوى من ضمن البحث ليست دقيقة، وهي هامة لأنها اعتمدت عليها الفتوى الصادرة من العلامة. هذه المعلومة هي أن للوصول إلى مستوى كحول في الدم 0.08 يحتاج إلى 6 غرامات من الكحول (ذكرت عدة مرات بأنها 0.8 وهذا بالطبع خطأ نقلي، ولكن للعلم 0.8 يكون الإنسان ميتا!). هذه المعلومة الحسابية خطأ، والصحيح هو (ويبدو أنه أيضا خطأ نقلي) أنه 50 غراما وليس 6.

(هناك أيضا مسألة مستوى السكر، فذكر مستوى 0.03 على أنه الحد القانوني في أمريكا، وذلك غير دقيق فالصحيح هو 0.08 مثل فرنسا وذلك المتبع في عديد من الدول الغربية)

بالعودة إلى الخطأ النقلي فإن الرجل الذي يزن 75 كيلوغرام يحتاج إلى 1.6 إلى 1.8 أونصة من الكحول الصافي 100% لأن يتم شربها في أقل من ساعة للوصول إلى 0.08 كمستوى كحول بالدم، هذا طبقا لإجماع المصادر الطبية العالمية وبناءا على قياسات عديدة. 1.6 أونصة سائلة تساوي 47.337 غرام. بناءا على ذلك يكون شرب الكمية المذكورة 9.3 ليتر والتي تحتوي على 37 غراما لن تصل بمستوى الكحول إلى هذه الدرجة من التركيز في الدم.

ومن المعروف أن كأس البيرة العادية "الباينت" والتي يتناولونها في أمريكا مع الغداء تحتوي على 5% كحول أي 20 غراما، ونعلم أنه يتناولونها ويقودون سياراتهم عائدين إلى مكاتبهم وأعمالهم فلا يعقل بديهيا أن يكون ثلاث أضعاف الحد المسموح جزء من غداء العمل عندهم. وهذا الاختلاط في الأرقام هو ما أراه وراء خلاف الأخوة حول نقطة "حيث أن القانون الفرنسي والأميركي لا يعاقب على شرب كأس أو كأسين من الخمر لأن هذا لا يسبب السكر لمن اعتاد عليه" وبين بقية الأرقام.

توجد أيضا نقطة أهم تتعلق بما "يسكر كثيره" و"ما أسكر الفرق منه" وهي لأهل العلم الشرعي لتفصيل معناها ومدى الحكم منها (أي هل القرف للتحديد أم وصفا للكثرة)، وهذه النقطة هي أن جسد الإنسان يتخلص من الكحول تلقائيا بمرور الوقت (بفضل الكبد) ولذا فإن الرقم المذكور هو كمية الكحول المطلوبة شربها في الساعة. فإذا توقف الشرب استمر مستوى الكحول في الانخفاض حتى يتلاشى. فقدرة الإنسان على السكر تعتمد على وزنه وكذلك على قدرته على استيعاب السوائل في وقت محدد، فلا يمكن مثلا أن يشرب أحد القرف مرة واحدة لأن سعة المعدة لن تحتمل. ليس ذلك وحسب بل إن الجسد يتعرض لخطر الموت إذا شربت حتى ماءا صافيا بكميات كبيرة بدون انتظار (تسمى تسمم مائي حيث يفقد الجسم تركيز الإليكترولايت والصوديوم لدرجة تموت معها الخلايا ويموت الشخص). هذه الكمية هي أكثر من جالون (معظم الناس لن يتمكنوا من ذلك أصلا ولكن حالات الموت كانت عند تعدي ذلك الكمية في فترة محدودة). ولذا فنأخذ من ذلك أنه هناك تركيز منخفض من الكحول لا يستطيع الإنسان أن يحصل منه نشوة أو سكر مهما شرب لانعدام قدرته الحيوية على ذلك، فقياسا إن شرب القرف (9 ليترات) لا يمكن أن يتم إلا على مدى ثلاثة ساعات وإلا مات الشخص من التسمم المائي والفشل الكلوي. بناءا على ذلك إذا أردتم كعلماء فقه حساب السكر بناءا على مستوى 0.08 وليس 0.11 أو 0.21، يكون أقل كمية كحول مطلوبة للوصول إلى ذلك للرجل البالغ وزنه 75 كغ هي 47 غراما كما ذكرت.

لذا يكون أضعف تركيز يمكن فعل ذلك باعتبار قدرة الشرب القصوى جالونا أي 4 ليترات في الساعة، هي 47 \ 4 = 11.75 غراما في الليتر أو 1.175%. فحتى إذا تم شرب جالون من هذا الشراب كل ساعة سيتمكن الجسد من التخلص من الكحول قبل أن يصل إلى مستوى 0.08.

فإذا أردتم أخذ مقاييس فربما اعتبرتم بذلك المستوى أو غيره (مستوى 0.11 حيث يضعف القدرة على التحكم بحتى الوقوف، أو مستوى 0.59 والذي يكون هناك نقص في الحكمة وشعور واضح بالنشوة) أو إذا أردتم اعتبار الوزن عند 60 كغ، فوفقكم الله في اجتهادكم الفقهي وأتمنى أن أكون أفدتكم بالمعلومات الدنيوية قدرما أفدتموني بعلمكم الشرعي والفقهي، فلكم الآن التحليل والمناقشة وليوفقكم الله.

ملحوظة أخيرة: أولا، الحسابات المجراه مبسطة ولكن صحيحة، إذا أردتم الدقة الشديدة لحساب سرعة تكسر الكحول في الدم ومستوى السكر أخبروني بأي اعتبارات ومستويات تستهدفون لأطبق عليها. ثانيا، لا يخلو أي عصير فاكهة طبيعي من نسبة من الكحول ولو ضئيلة تصل إلى 0.1% أو واحد في الألف، فلا يمكن أن تحصل على عصير فاكهة طبيعي أو معلب خالي تماما من الكحول لتكونه طبيعيا في العصير مع الوقت، ولا يصح الاعتقاد بأنه يمكن الوصول إلى ذلك إلا أن تأكل الفاكهة أو تعصرها في فمك مباشرة وهي لا تزال على الشجرة.

الخميس، مارس 13، 2014

عن أحاديث السمع والطاعة لأولي الأمر ومنازعته عندما يأتي أي معصية

عن عبادة بن الصامت دعانا النبي ﷺ فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على "السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان"
يستدل بهذا الحديث دعاة الخذلان عن نصرة الحق وأهله أمام بطش الطغاة من الحكام، ويقولون أن الكفر البواح هو الكفر الأكبر المخرج من الملة فقط الذي لا اجتهاد فيه بتأويل ولو حتى متعسَّف !
ويكذِّبهم الحديث نفسه إذ في رواية له في صحيح ابن حبان (صححها ماهر الفحل وغيره) كالتالي :
عن عبادة بن الصامت : قال ﷺ : " يا عبادة " . قلت : لبيك ، قال :اسمع وأطع في عسرك ويسرك ، ومكرهك وأثرة عليك ، وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك ، إلا أن تكون "معصية لله بواحا"
وقال النووي في شرح مسلم شرحاً للفظ "كفرا بواحا":المراد بالكفر هنا المعصية.
وهذا هو الحق لثبوت لفظ "معصية لله بواحاً" في رواية صحيحة أخرى.
ولا يحتجَّن دعاة الخذلان الآن برواية صحيح مسلم:قال ﷺ «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم». قال: قلنا: يا رسول الله أفلا ننابذهم؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة» .
فالأحكام تؤخَذ بجمع النصوص كلها في المسألة لمعرفة الحق،وليس بعض النصوص،إنما ذلك كمن يقول "ولا تقربوا الصلاة" ويسكت ولا يكمل تمويها وتلبيساً.
فالحمد لله على اتباع صحيح سنته كلها وحفظها لنا من المتلاعبين بها من دعاة الخذلان .