الثلاثاء، أبريل 16، 2013

الإمام الشافعي "ناصر السنة" وكتابه الرسالة

كتاب الرسالة للإمام الشافعي كان أول كتاب يبتدي يعمل تعريفات لكل شئ متداول بين العلماء ولكنه لم يوثق. العلماء كانوا بيستدلوا بالقرءان والسنة والإجماع والقياس، القرءان معروف وواضح لكن السنة المقبول منها والمرفوض اختلفوا فيه،،فأهل الرأي (أبوحنيفة) كانوا يردوا أحاديث صحيحة لأسباب خاصة بهم، وأهل الأثر (مالك) كانوا يقبلوا بأحاديث ضعيفة لأسباب خاصة بهم. الإمام الشافعي أول من وضع قواعد واضحة صارمة لقبول الحديث. عارفين قال إيه؟!

قال الإمام الشافعي:"ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا:
- منها أن يكون من حدث به ثقة في دينه، معروفا بالصدق في حديثه، عاقلا لما يحدث به، عالما بما يحيل معاني الحديث من اللفظ، وأن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمع، لا يحدث به على المعنى، لأنه إذا حدث على المعنى وهو غير عالم بما يحيل به معناه: لم يدر لعله يحيل الحلال إلى الحرام، وإذا أداه بحروفه فلم يبق وجه يخاف فيه إحالته الحديث، حافظا إن حدث به من حفظه، حافظا لكتابه إن حدث من كتابه. إذا شرك أهل الحفظ في حديث وافق حديثهم، بريا من أن يكون مدلسا يحدث عن من لقي ما لم يسمع منه ويحدث عن النبي ما يحدث الثقات خلافه عن النبي. ويكون هكذا من فوقه ممن حدثه، حتى ينتهى بالحديث موصولا إلى النبي أو إلى من انتهي به إليه دونه، لأن كل واحد منهم مثبت لمن حدثه، ومثبت على من حدث عنه، فلا يستغنى في كل واحد منهم عما وصفت."

طبعاً بعد كده العلماء اختصروا التعريف ده إلى "ما اتصل سنده برواية العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة" وطبعاً عرفوا يعني إيه عدل ويعني إيه ضابط ويعني إيه علة ويعنى إيه شذوذ، المهم إن الإمام الشافعي كان أول من حد حداً للصحيح.

بعد كده الإمام الشافعي رد على من يقبل من العدل الضابط أحاديث ويرد منه أخرى بدعوى عدم الإطمئنان!
فيقول الشافعي:"لا يجوز على إمام في الدين أن يقبل خبر الواحد مرة -وقبوله له لا يكون إلا بما تقوم به الحجة عنده- ثم يرد مثله أخرى. ولا يجوز هذا على عالم عاقل أبدا."

ثم رد الإمام الشافعي عن من يقول أن خبر الآحاد (وهو الحديث غير المتواتر، الذي لم يروه سوى فرد واحد فى طبقة واحدة على الأقل من إسناده) يفيد الظن والشك ويجوز تركه بأن من يقول هذا ليس عالماً!
يقول الإمام الشافعي:"ما جاء الخبر فيه من طريق الانفراد: فالحجة فيه عندي أن يُلزِمَ العالمين حتى لا يكون لهم رد ما كان منصوصا منه، كما يلزمهم أن يقبلوا شهادة العدول، لا أن ذلك إحاطة (يقين) كما يكون نص الكتاب (القرءان) وخبر العامة عن رسول الله (المتواتر). ولو شك في هذا شاك لم نقل له: تب، وقلنا: ليس لك - إن كنت عالما - أن تشك، كما ليس لك الا ان تقضي بشهادة الشهود العدول، وإن أمكن فيهم الغلط، ولكن تقضي بذلك على الظاهر من صدقهم، والله ولي ما غاب عنك منهم."
فالشافعي رحمه الله ورضي عنه يؤكد أنه رغم أن حديث الآحاد لا يفيد يقين القرءان والمتواتر من الحديث إلا أنه يفيد العلم الذي لا يجوز الشك فيه وأن الله تعبدنا به كما تعبدنا فى قبول الشهادة من الشهود رغم "ظننا" أنه وارد عليهم الكذب والخطأ، ولإن الله تعبدنا بذلك فهذا الشك لا محل له من الإعراب وهو كما يقول القانونيون الآن هو والعدم سواء.

ثم يفند الشافعى كلام من يقول أنه لو وجدنا فتوى صحابي بخلاف ما صح من الحديث فلا نعمل بالحديث!
فيقول الإمام الشافعي:"وإنما ذكرنا تفرق أصحاب رسول الله ليُستَدَلَ على أن تفرقهم فيما لرسول الله فيه سنة لا يكون إلا على أن لا تبلغ السنة من قال خلافها منهم، أو تأويل تحتمله السنة، أو ما أشبه ذلك، مما قد يرى قائله له فيه عذرا إن شاء الله. وإذا ثبت عن رسول الله الشيء فهو اللازم لجميع من عرفه، لا يقويه ولا يوهنه شيء غيره، بل هو الفرض الذي على الناس اتباعه، ولم يجعل الله لأحد معه أمرا يخالف أمره" ، ويؤكد أيضاً فى مسألة خالف فيها عمر بن الخطاب الحديث الصحيح:"ولو بلغ عمر بن الخطاب هذا لصار إليه - إن شاء الله - كما صار إلى غيره فيما بلغه عن رسول الله، بتقواه لله وتأديته الواجب عليه في اتباع أمر رسول الله، وعلمه بأن ليس لأحد مع رسول الله أمر وأن طاعة الله في اتباع أمر رسول الله."
ويقول بكل وضوح:"وأما أن نخالف حديثا عن رسول الله ثابتا عنه فأرجو أن لا يؤخذ ذلك علينا إن شاء الله. وليس ذلك لأحد، ولكن قد يجهل الرجل السنة فيكون له قول يخالفها، لا أنه عمد خلافها، وقد يغفل المرء ويخطئ في التأويل."

عرفتم دلوقت يعنى إيه سنة وحديث صحيح ومكانة السنة إيه عند عالم رباني زي الإمام الشافعي رحمه الله ورضي عنه، هو ده سبب إنهم سمُّوه "ناصر السنة"،رغم إنه كان مش جامع للأحاديث زي العلماء الرحالة فى طلب الأحاديث من هنا وهناك.
كل ده عمله الشافعي رداً على أهل الرأى فى رفض أحاديث صحيحة، ورداً على أهل الأثر فى اعتبارهم لأقوال الصحابة وفتواهم التى تخالف الصحيح من الحديث. واعتذر للصحابة وأجلهم، لكنه مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم نبينا ومعلمنا وقدوتنا الذي يجب علينا اتباع أقواله بأبي هو وأمي.
ماجبتش سيرة الظاهرية وبن حزم :) ، معلش سامحوني فالشافعي أصل الظاهرية "وكان كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن فانظر هل لأيهما من عِوَض" كما قال الإمام أحمد بن حنبل.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.