الأحد، أكتوبر 07، 2012

جمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

من عجيب الأمور أن نستدل بمنع جمع الحديث بحديث، شئ مُضحكٌ مُبكى، يروى الإمام مسلم فى صحيحه (3004) قول صلى الله عليه وسلم : ( لا تكتبوا عني غير القرآن , ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ) فهذا حديث مكتوب يستدل به مانعوا كتابة الحديث، أترى المُفارقة :))
وللرد على ذلك يوجد أحاديث صحيحة كثيرة لا حصر لها منها على سبيل المثال لا الحصر
1- روى الإمام أحمد فى مسنده (6474 ، 6763) وأبو داود فى سننه (3646) والدارمى فى سننه (484) عن عبد الله بن عمرو قال كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه فنهتني قريش وقالوا أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بأصبعه إلى فيه فقال : "اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق".صحيح
ولا شك أن التدوين لم يبدأ إلا فى عهد عمر بن عبد العزيز، ولكن هناك فرق بين الكتابة والتدوين، فالكتابة كانت موجودة فى عهد النبى كما أسلفنا إذنه بذلك، لكن الجمع والتصنيف والترتيب والتدوين المنهجى تأخر، كما تأخر جمع الناس على المصحف العثمانى إلى أن ظهرت الحاجة لذلك.
قال الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز آمراً:(انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء) ، نفس الأمر الذى جعل الصحابة يجمعون ما كُتِبَ من القرءان بين دفتى كتاب واحد بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، خوفاً من موت الصحابة الحفاظ فاحتاجوا لحفظ الكتاب مع حفظ الصدور، ولا شك أن السنة كانت محفوظة حفظ صدر وكتاب قبل أمر عمر بن عبدالعزيز ولكن خوفاً من ذهاب العلم بموت العلماء الحفظة جُمِع كتبهم وحفظ صدورهم فى مدونات ومصنفات، مثل ما فُعِل مع القرءان.
وأما من احتج بفعلٍ من بعض الصحابة رضوان الله عليهم فهو يقتطع الأفعال، وانظر واحكم:
عمر رضي الله عنه كان يقبل - كغيره من الصحابة رضي الله عنهم - خبر الرجل الواحد، كما قبل خبر الطاعون -: ( إن هذا الطاعون رجز وبقية عذاب عذب به قوم، فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فراراً منه، وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تدخلوها ) وغيره، لكن في قصة الاستئذان لم يقبل خبر أبي موسى الذى قاله أن الاستئذان ثلاثاً فقط، لأن عمر اعتاد أن يستأذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يسمع منه ذلك قط، فلم يرد خبر أبي موسى لأنه خبر واحد، لكن لأنه معارض عنده بخبره هو نفسه، فكان ذلك من باب الترجيح بين خبري آحاد. ومعلوم أن من علم حجة على من لم يعلم.
وكذلك كل ما يُروى من استدراكات السيدة عائشة رضى الله عنها على بعض الصحابة فمن كلامها ما كان زيادة علمٍ عن أقوالهم، ولكن من أقوالها ما كانوا هم أزيد علم منها،
وكمثال لما زادت هى عنهم حديث الشؤم فى المرأة والدار الذى رواه أبو هريرة قالت ما سمع أبو هريرة كل الكلام بل قال إن قوماً يقول ذلك وهم على ضلال.
وكمثال لما زادوا هم عليها قولها والله مابال رسول الله قائماً قط ومن حدثكم يذلك فقد كذب! فى حين أنه قد رآه صحابى جليل يفعل ذلك، ومعلوم كما قدمنا أن من علم حجة على من لم يعلم، وليست أمنا عائشة رضى الله عنها أولى بالاتباع من غيرها ولا غيرها أولى بالاتباع بل. نتبع من معه زيادة علم عن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
ويكفي السنة أن الله تعالى تكفل بحفظها كما قال تعالى: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) والذكر هو الكلام الشريف الذي أوحى الله به إلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومنه القرآن لقوله تعالى: ( والقرآن ذي الذكر ) ومنه السنة لقوله تعالى: ( وأنزلنا إليك الذكر [ أي السنة ] لتبين للناس ما نزل إليهم [ أي القرآن ] ولعلهم يتفكرون ). فالحمد لله رب العالمين.
فكل ما راه الثقات أى العدل الضابط سواء ضبط كتاب أو ضبط صدر واجب القبول وإذا ما كان هناك تعارض فى ظاهر أفهامنا يُصار للجمع بطرقه المعروفة وليس لخبط النصوص ببعضها ابتغاء ردها أو انتقاء ما يوافق هوى فى أنفسنا.
أظن أن فى ذلك كفاية لمن أراد البداية
والله أعلى وأعلم،