الثلاثاء، نوفمبر 15، 2011

العقل المحارب أحمد أبو بكر

كنت فى مشوار هام بالقاهرة واتفقت مع صديقى أحمد أبو بكر أن أقابله فى التحرير، انتهيت من مشوارى وكنت أمام ميدلن مصطفى محمود "ميدان الفلول" !! ركبت التاكسى إلى التحرير وانتظرت بجانب كنتاكى أحد رموز الثورة الكوميدية
انتظرت كثيراً ولكنى ظللت أتأمل فى ميدان التحرير وتلك الصينية. 
فى مكانى هذا من الممكن أن يكون استشهد أحدهم أثناء الثورة .
فى ذلك المكتب السياحى أديرت اجتماعات التنسيق والتخطيط ، كيف كان هذاالكوكتيل العجيب من الناس يتعايشون !!!!!
وبمناسبة الكوكتيل فكرت أن على محلات العصائر التى تقدم كوكتيلات عجيبة الأسماء مثل "رضعة الأسد" و "الفخفخينا" وغيرها أن تصنع كوكتيلات ثورية الأسماء مثل ثورة الغضب ، إيد واحدة ، مش حنمشى.
مرت حوالى ساعة أو أكثر حتى حضر أحمد وعندما رأيته من بعيد عرفته لمطابقته لصورته تماماً وكان ما شاء الله رياضياً طويل القامة بشوش الوجه ، تصافحنا وتعانقنا وكأننا نعرف بعضنا منذ سنين .
قلت له لابد أن نأكل مع بعضنا عيش وكنتاكى لاستكمال طقوس لقاء الثوار فى االتحرير وضحكنا ودخلنا كنتاكى . وبدأنا فى الحديث .
من أول وهلة تعرف الحماس الغير عادى عندما يتحدث أحمد ، الذى ظل يصول ويجول عن ذكريات الثورة مع أهله وأصدقائه .
أعتقد أن مثل هذا الشاب ذو العقل والحماسة الكبيرين لهو كل ما تتمناه أن يكون الجيل الجديد.
فهو شاب ، لا يستطيع أن يهدأ عندما يمس أحد "المنطق الطبيعى للأشياء" فهو يرى الدنيا واضحة جلية على أنها مجموعة أشكال ودوائر تتقاطع وتتداخل وتشكل مساحات محددة تأطّر كل فكرة بحيث يستحيل أن يغالطه أحد فى إدخال شئ أو إخراجه من هذه الدائرة أو تلك.
وبرغم حربه على "المغالطين" فى المنطق إلا أن من يحاربهم يحبونه لقدرته الفذة على منطقة الأمور وإن اختلفت معه فى  النتائج .
حكى لى أحمد عن إقامته فى ماليزيا وتجربة عيشه هناك التى -فيما أعتقد- نحتت منه وجه محارب متحدٍ لا يشق له غبار.
قد يكون ذلك أيضاً لكونه مدرب ومحترف كاراتيه، ولكنى أعتقد أنه محارب أولاً حدث أن احترف الكاراتيه، وليس لعب الكاراتيه هو الذى صنع منه المحارب...
أحمد إنسان بار بوالديه بدرجة عجيبة برغم خلافه -أحياناً- مع والده، ولكنه خلاف الابن الذى أحسن الأب تربيته على المبادئ فطبقها كأحسن ما يكون التطبيق.
أكلنا الكنتاكى ثم ذهبنا لمسجد عمر مكرم لصلاة الظهر، ثم تمشينا إلى كوبرى قصر النيل ووقفنا عليه ليسترجع ذكرياته عن الثورة فما رأيت إلا أسداً ثالثاً على الكوبرى .
توجهنا ناحية مبنى ماسبيرو نتحدث عن رؤيته لبعض عيوب مرحلة ما بعد التحرير من الثورة  ، مهما قلت لك فلن أصف مدى حبه لذلك الشعب المصرى الجميل وحسن قراءته له.
حكى لى عن تجربته فى طلوع جبل فى ماليزيا يرتفع 4 كيلومترات فوق سطح البحر !!! وكيف قابل هناك الكبار والنساء وهم يصعدون ، و عند سماعك له وهو يحكى عن تجاربهم تحس أنه مغناطيس لاستيعاب تجارب الناس وخبراتهم ويخزنها فى أماكنها التى يعرفها جيداً بحيث يستدعيها بسرعة عند الحاجة.
أحمد إيقاع حياته - لا أقول سريعاً- ولكنه قوى يصلح فعلاً لمحارب لا يهدأ ،إذا عزفت لحنك معه فلابد أن تراعى مناسبته لذلك الإيقاع وإلا صرت عبئاً عليه ونشازاً، 
أمطرت الدنيا ونحن نمشى ولم نعبأ ، ركبنا المترو وذهبنا إلى ميدان رمسيس - محطة مصر ولم أجد سوى قطار بعد ساعتين ، والحمد لله أن امتد لقاؤنا فى كافيتريا المحطة لمدة ساعة ونصف نتحدث عن منظوره فى الجدال مع الآخرين .
وكعادتنا جميعاً ، جميعاً، لا نكره سوى "الأغبياء" فى النقاش .
وهنا نصحته بقراءة كتاب عمرو عرفه لماذا من حولك أغبياء ليعرف أن أكثر من 90% من حالات الغباء تلك ليست سوى مجرد اختلاف فى طرق الفهم واستيعاب الأشياء. أفهمنى أنه يعى ذلك ولكن هناك فعلاً حالات "المغالطات المنطقية" واتفقت معه فى ذلك.
ولكن ......
مثل ما يقرر "المنطق الطبيعى للأشياء" ..
كل ما له بداية له نهاية ...
وانتهى الوقت المتاح لنا وحان وقت قطارى ...
وافترقنا ولكن بعد أن كسبت مكسباً لا يقدر بمال ....
عقل كبير ومحارب قوى فى الحق ...
اسمه أحمد ابو بكر ...
صديقى الأكبر منى ..
الذى ولدت قبله ...