الخميس، نوفمبر 01، 2012

الخلاف فى الأفهام الفقهية

إذا تكلمنا عن إختلاف الأفهام للجملة الواحدة أولاً قبل أن نتكلم عن إختلاف الأفهام لكثير من من الجمل التى يبدوا فى ظاهرها التعارض فأقول ، أن الأصل فى المعانى للجمل والألفاظ هو ما وضعت له على الحقيقة وليس على المجاز،،على الظاهر لا على الباطن،،وهى دلالة الفُصحاء، ولتنظر لفهم النبى(ص)لآية"استغفر لهم أولا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم"وقارن فهمه بفهم عمربن الخطاب عندما قام يُصلى على عبد الله بن أبى بن سلول أمسكه عمر وقال لله أتصلى عليهم وقد نهاك الله عن الصلاة عليهم؟! فماذا قال له؟ قال له الحبيب(ص):ما نهانى ربى بل "خَيَّرنى" استغفر أو لا تستغفر وسأستغفر وسأزيد عن السبعين (يرجوا رحمة ربه) ، والحديث فى صحيح البخارى لمن يريد البحث عنه،،ثم لننظر إلى الآية الحاسمة فى لفظها "وسواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم فلن يغفر الله لهم" وهنا يتضح الفرق فى المعنى أن الأول حقيقته التخيير والثانى حقيقته النهى وفهم عمر فهم مجازى بالمنع، من هنا نعرف أن الأصل فى المعنى الحقيقة والظاهر لا المجاز والباطن،وإذا عرفنا ذلك على مستوى المعنى للجملة الواحدة فلنقل أيضا أن الأصل هو الحقيقة والظاهر لا المجاز والباطن إلا إذا إصطدم الظاهر بحقيقة كونية يقينية فيُصار ساعتها فقط للتأويل ومثال ذلك "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة"و"وجدها تغرب فى عين حمئة" وغيرها الكثير الذى محالٌ كوناً حقيقته لذا فهو مجاز، نأتى بعد ذلك للتعارض الذى نظنه بين ظاهر نصين من الوحى فهذا أيضاً مجال بحثنا عن مقصده هل حقيقة وظاهر أم مجاز وباطن؟! وللإنصاف (أزعم أنى مُنصِف :) ) أن هذا موطن خلاف حقيقى بين الأفهام وهو ناشئ من ظن حقيقة تخالف حقيقة أو يقين يخالف يقين ومثاله المشهور "لا يصلين أحدكم العصر إلا فى بنى قُرَيظة" هذا أمر ظاهر لا جدال فيه أن صلاة العصر هذه يجب صلاتها من هؤلاء، فى ذلك اليوم خاصة وتلك الصلاة خاصة وهؤلاء القوم خاصة يجب ألا يصلوها إلا فى بنى قريظة،ولكن يتعارض هذا الأمر مع وجوب الصلاة فى موعدها حيث أنهم سيصلون بعد المغرب،،فقال قوم نُغلِّبُ الأمر بالوقت عامةً على الأمر هذا خاصة ويُصار لتأويله بالإسراع، وقوم قالوا بل هذا أمر خاص بنا فى صلاة خاصة فى يوم خاص لا يتعارض مع عموم الصلاة فى الوقت بعد ذلك فهذا مجاله وصلو بعد المغرب. وهنا موطن خلاف حقيقى وهو بالمناسبة ليس فى الأفهام بين الظاهر والمقاصد بل بين التعارض بين ظاهرين وأمرين كلاهما واجب :) ، وبغض النظر عن أي الفريقين أحق بالحق :) لأن النبى (ص) سكت عن تصويب أحدهما وتخطيئ الآخر لذا اتباعاً له أسكت أيضاً :))) ،، ولكن إذا عرفنا ذلك عرفنا أن الأصل الحقيقة والظاهر لا المجاز والباطن والخلاف بين ظاهرين وحقيقتين لا بين ظاهر و مقاصد :) ، ولو فتحنا باب "ما وراء السطور" فى نصوص الوحى لصرنا لإبطالها بالجملة كما فعل بعض إخواننا للأسف،،ومن هذه الرؤية المغايرة لما هو شائع بيننا الآن من أن المقاصد مقدمة،سنفهم من منظور آخر لماذا لم يقم عمربن الخطاب حد السرقة على سارق الطعام بالمجاعة، وهو تعارض الأمر بين الأمر بتوفير الطعام لكل مسلم بحد الكفاف حتى على الأقل وبين قطع يد السارق فغلَّب عمر الأول على الثانى، وهو اجتهاده رضى الله عنه مثل اجتهاد الصحابة فى صلاة العصر تماماً،ولا يُنكَر على مجتهد فى هذه الحال إقتداءً بالحبيب (ص)، بل يفعل كل مجتهد ما صار إليه منهجه وفهمه بغير إنكارٍ من طرفٍ على الآخر ولا إدعاء إحتكار الحقيقة من طرفٍ على الآخر، ولكن لا نقول بل الشريعة هى اجتهاد فلان،،أو اجتهاد فلان وأن فلان راعى المقاصد والثانى جامد غبى!!!!!!!! لو توصلنا لهذا الفهم وهو الأصل الحقيقة والظاهر لا المجاز والباطن إلا عند تعارض مع حقيقة كونية أو مع ظاهر نص آخر لاسترحنا ، لو توصلنا لهذا الفهم وعرفنا كيف نتعايش مع بعض عند التسليم بهذه الحقيقة كما تعايش مُصلِّى العصر فى الطريق و فى بنى قريظه! إذا كنا كذلك فأبشروا برجوعنا للمنهج النبوى السليم فى الاجتهاد والاختلاف والتعايش والأخوة والمحبة والفقه الحقيقى، إنتهى :))